الاثنين، 21 أبريل 2008

جسد بلا روح

... استيقظت ذالك الصباح على برد شديد و السماء غائمة تنذر بهطول الأمطار، لم تكن لدي أي شهية للإفطار و رغم ذالك رشفت جرعتين من القهوة السوداء مع قطعة من الجبن المهيأ من ليلة أم
تقززت في نفسي، أحسست بالحسرة لم أستطع الكلام أو الاحتجاج على وجبتي الرديئة، شرعت في حشو سيجارة محلية أشعلتها و بدأت بترتيب خطواتي المقبلة
اللاشعور كيان يسكنني أصبح معي في منامي و يقظتي، الغربة صارت جزء مني و صرت لا أفارقها، أتعبني هذا الواقع المر، بحثت كثيرا عن روح لجسدي دون جدوى
كان نفس الوجود نفس الرد: نأسف لعدم إيجاد روح تلاءم جسدك العاري.
قررت الاحتجاج أعلنت العصيان فكيف يعقل أن أبقى جسدا بلا روح؟
هل الاستهتار بالمسؤولية أدفع ثمنها؟
لم أستطع حل لغز الذين شكلوا الوطن قطعة من جمر و لم أتمكن من فك رموز الصمت الأبدي الذي يسكن قمم الجبال؟
طردت الكلمات وقفت أمام المرآة تناولت معطفي، ارتديته و أنا أتذكر الأيام الخوالي مرحلة الأحلام: تذكرت أن المعطف اشتريته من الجوطية من أول منحة مالية أقبضها، افتكرت يومها كنت بانتظار صديقتي أمام باب الثانوية للخروج معا للشاطئ، كنا لحظتها نتأمل غروب الشمس، فيض من الذكريات تنسل ناسجة شريطا من المشاهد المتقطعة شريط يصعب استحضاره في هذه اللحظة المهربة من روتين الغربة وهي تحن لعشق الأمس.
شكل من أشكال النفي يمارسه الواقع على كل من حنوا على الوطن، و على كل من سولت له نفسه متابعة النضال بين أحضان الروح
يواجه الموت البطيء على حقول مفروشة بالورود.
في طريقي لم أبتسم في وجه المارة و طوال المسافة الفاصلة بين مقهى الشاطئ و البيت كنت شارد الذهن فكل شيء كان في ذالك الصباح باردا
تذكرت نشرة الأمس: جو متقلب، العواصف مستقرة، ارتجاج في المخ، جمود في القلب، بدأ المطر بالتساقط .. نعم إنها تمطر و لا بد أن أصل.
تخطيت البرك المائية و الأوحال متجها صوب مقهى المواعيد المتأخرة دوما و التي تعودت عليها منذ بدأت البحث عن روح لجسدي.