الخميس، 28 أغسطس 2008

تانكيفت- تامغرا..(2)







الخطوبةعندما يختار الفتى شريكة حياته إما بعد لقائها بشكل مباشر أو غير مباشر وغالبا ما ترفض أمه هذه الفتاة والسبب أنها ليست من الأقارب أو ليست من عائلة مرموقة ليقوم الشاب بمجهود كبير لتغيير موقف الأم أو يرضخ لها وتخطب له إحدى القريبات، يتفق الابن العريس مع والديه بالقيام بخطبة الفتاة من والديها



تكون الخطبة عبارة عن قالب السكر و قشابة و حايك و خاتم من فضة و يعطي أهل الفتاة العهد بتزويج ابنتهم للفتى بينما يعاهد الفتى أهل الفتاة بالزواج، بعد أسبوع من اللقاء تقوم أم الفتاة العروسة بصنع صحن من البسيس و تحمله إلى أم الفتى العريس هذه الأخيرة بعد مرور شهر تقوم بملأ نفس الصحن بالتمر و قشابة و حايك و اللوز و تقوم بعدها بذلك في كل عيد أو مناسبة ويسمى هذا - أكتّي aktti - التذكير أي تجديد العهد و الوعد بالزواج، تدوم هذه الخطوبة شهرا أو شهران وتصل أحيانا إلى سنة تتعارف فيهما العائلتان وتستعد فيهما الأسرتان للعرس يحدد بعدها الطرفان موعد الزواج

السبت، 23 أغسطس 2008

تامغرا / ناتكيفت ..(1)


المغرب بلد شديد التنوع الثقافي و هذا التنوع هو ما يمنح للمغرب الأقصى ذاك التميز

من منطقة إلى أخرى من مناطق المغرب تختلف عادات وتقاليد طقوس الاحتفال متنوعة بدءا من أول لقاء مرورا بترتيبات الخطوبة انتهاءا بحفل الزفاف و هو ما يبرز بشكل جلي أن العادات و التقاليد تحمل بعدا للقيم الثقافية و الضوابط التي تحكم بشكل غير معلن العديد من المجتمعات المغربية بمختلف فصائلها و جل مكوناتها وتعكس حضارته العريقة و التي هي مزيج من الحضارات عربية أمازيغية إفريقية أندلسية و إسلامية علما أن المجتمع المغربي يدين كله بالإسلام ولا توجد ضمنه إلا طائفة يهودية جد صغيرة

و تختلف طقوس الزفاف المغرب من منطقة لأخرى، و الحقيقة التاريخية كما رواها لنا أجدادنا أن العرس المغربي يدوم سبعة أيام بلياليها و بقيت متوارثة جيل بعد جيل لزمن طويل ليتقلص العرس إلى ثلاثة أيام و بقيت على هذا الحال الى بزوغ عصر السرعة و التكنو لتصبح المدة ليلة أو يوم بأكمله
ولكل منطقة من مناطق المغرب عادات و طقوس و معتقدات خاصة حول طرق الاحتفال بالزواج، و قد تركت مختلف الدول التي تعاقبت على حكم المغرب منذ تأسيسه كأول دولة اسلامية مستقلة سنة 788 ميلادية بصماتها على عادات وتقاليد المتعلقة بالأعراس.
الزواج عند الأمازيغ
الزواج كرباط وكعلاقة ذات حمولات ثقافية واجتماعية ودينية طقوس خاصة بالمجتمع الأمازيغي و التي تعطي لهذه التقاليد سمة مميزة تعبر عن قيم أصيلة للمجتمع المغربي كما تضفي ظروف البيئة الطبيعية والاجتماعية التي يعيشها الإنسان في ارتباط مع محيطه خصوصيات على هذه الطقوس سواء في طابعها الاحتفالي أو في الممارسات الاجتماعية المرتبطة بها سواء تعلق الأمر بالمشهد الاحتفالي أو بأنماط السلوك والعادات المتبعة فإن الزواج كطقس من الطقوس الاجتماعية بالمناطق الأمازيغية له خصائصه التي تختزل قيم المجتمع ومكونات شخصية أبنائه التي يعبر من خلالها سكان الأمازيغ عن ذاتهم في إطار ممارسات الحياة اليومية الجارية
وترتبط طقوس الزواج بالنظام القيمي المرتكز على تعاليم الدين الإسلامي في إطار نسق يرسم مراجع الهوية الشخصية التي تقوم على العفة والكرامة والحشمة والوقار ومكارم الأخلاق وانطلاقا من هذه الخصال والمزايا تبدأ الخطوة الأولى من الزواج بالاتفاق الذي يحصل بين الآباء أو كبار السن من القبيلة أو القبيلتين
وهو اختيار تلعب فيه النساء المتزوجات عادة الدور المحوري التقاليد الأمازيغية في المغرب تختلف حسب كل منطقة بل في كل قبيلة وحتى في كل قرية، إلا أن مراسيم العرس الأساسية - تانكيفت تامغرا - تبقى ثابتة وهي الأصل السائد و المتغير هو بعض الأبيات الشعرية و التنوع في الأطباق و الرقص و هذا ما يوضح لنا الغنى الثقافي أو بالأحرى الحرية المطلقة التي يتمتع بها الامازيغ في التعبير وقوة حضورالذهنية الامازيغية في الإبداع، لتتحول الأعراس لفضاء يجمع كل الفنون الجميلة ولأن الزفاف يعتبر رباطا مقدسا تحكمه القيم المميزة لكل مجتمع هو الحرص على إعطاء كل ارتباط جديد بين رجل وامرأة حالة خاصة تلك الهالة القدسية التي تذهب أحيانا في غلوها إلى الحد الذي تذكرنا فيه بقصص ألف ليلة وليلة فإننا نلاحظ عبر مختلف مظاهر الاحتفال بهذا الحدث إلى أي حد يتم التمازج بين الأصالة والمعاصرة في هذا الحفل و هذا التنوع يعتبر إرثا وطنيا يجعل من الشعب المغربي أحد أغنى شعوب العالم ثقافيا،
و خلال ادراجاتي المقبلة سنحاول الاقتراب أكثر من بعض العادات و التقاليد الأمازيغية المتّبعة في إحياء العرس الأمازيغي بمنطقتي الأطلس الكبير و هي تقريبا نفس الطقوس الممارسة بمنطقة سوس كما شهدتها و شهدها الكثيرين من أبناء الأحرار جيل بعد جيل

السبت، 9 أغسطس 2008

سيرة أطلسوفيتش

*** لم يكن قد نال منه التعب شيئا حين بلغ سن العشرين وهو الذي ولد على عتبات الأطلسي من عام المسيرة و هو نفس التاريخ الذي سيحصل فيه المغرب على صحراءه، لكن بعد العشرين سيشكو أطلسوفيتش من آلام يعتقد أن مصدرها هو الحد الفاصل بين العقل و الجنون و الله أعلم بعلامات الحق، ثم إن عقليته الشبيهة بفيلسوف زمانه قد بدأت تتهدم نتيجة ما التهمته من كشكول الكتب الذي قد يصل وزنه خلال العشرين سنة فقط إلى مليون طن و بعض الغرامات الثابتةيسمي أطلسوفيتش مرضه هذا ب *السّيركوي* و في تاريخ الطب من عهد أبيقراط إلى آخر خريج جامعة من جامعة الطب في أي دولة لم يوجد هذا الداء العضال، يحدث أن يستعين أطلسوفيتش بطبيب صديق له و رفيقه في النضال و من باب سخرية الأقدار أن الدواء المجاني الذي بتسلمه عادة ما يكون مخصصا للنساء و لله في خلقه شؤون، لذا سيبقى دوما رجاء شفاءه يتوقف على إرادة الله و هو الذي يبادر بكل ما أوتي من روح الدعابة كي يتغلب على مرضه بالسخرية، و ربما تكون هذه السخرية ذاتها هي سر تخلصه من أي مشاكل و من الأمراض النفسية و العقلية التي قد تصيب رأسه الشبيه بالصخر لعناده كما يحلو لصديقه الدركي أن يناديه المنطيح.يؤمن صاحبنا إيمانا راسخا بأن موت الإنسان يعني مد الأرض بسماد جديد، و هو لايستثني جسده و يتوقع أن يكون مادة سمادية دسمة خصوصا أنه لامس كل أنواع الزيوت بشكل يومي، غير أن الميزة التي يتميز بها عن باقي رفاقه ورغم اعتقاده هذا أنه فهو ليس ملحدا بالمرة، و يتوقع دخوله إلى الجنة إلى جوار الشهداء و الصدّيقين من البسطاء أمثاله أما جهنم بالنسبة له فهي الحانات الخالدة التي سيتجرع : القواد و الدرك و الشرطة و قادة الأحزاب و الحكام جعة الزقوم نظرا لما عتوه من فساد و إفساد في جيوب الأرض، و لأنه ظل وفيا لسنوات للتيار الوطني بالفطرة و هو الذي لم يصوت قط لصالح أي مرشح في الانتخابات وطنيا و محليا على حد سواء، فقد ظلت صورة لينين التي تتصدر شوارع موسكو و خصوصا تلك اليافطة المكتوب عليها يا عمال العالم اتحدوا قد أخذت الكثير من تفكيره، و هو الثوري الذي لم يتم اضطهاده قط لأنه لا يفكر سوى بالبناء المعماري لبطنه و أعماله تدر عليه ما يؤسس لهذا البناء الأسطوري.مرة سأله صديقه الدركي عما إذا كان يرغب في الزواج و تأسيس عش الأسرة حتى ينعم بالحياة و يتم نصفه المتبقي، و لأنه دائما يتهرب من الموضوع يعلق : الأمن يريد توريطي مدى الحياة هاهاهاهاهامسألة الزواج بالنسبة لأطلسوفيتش تعني و ضع عنقه في قعر الزجاجة و تكبيله بقيود شبيهة بصندوق النقد الدولي و نادي روما و باريس معا، ما لن يحدث منه و لو اقتضى الأمر أن تعود القارة الإفريقية ملتصقة بجارتها الأوربية بحيث لن تكون بعد ذالك الحاجة إلى استعمال قوارب الموت و خوض غمار المخاطر لأجل عيش يسمى بالعيش الكريم.عادة ما يدفن أطلسوفيتش أحزانه التي لا يحب أن يعلنها للآخرين في البار إلى جوار امرأة تصادفه لأول مرة و دون أن يكونا على سابق موعد، تلك رغبته الدائمة ساعة عزلته التي يعتبرها نوعا راقيا من العبادة يحق للإنسان أن يكتشف ذاته باستمرار، عبر امرأة قدرية تسقط عليه من السماء و تحط على البار لتشرب نخبها مع الحزانى مثله في كل رقعة من أرض الآلام.
هذا هو النشيد الوجودي الذي يعزف أوتاره صديقنا كلما أحس بأن العالم يكبر حواليه و يتخذ شكل مروحة تمد هذه بعد أن تنتفض روحه مع كل كأس يحتسيه و يرفع صوته في نخب المضطهدين الغائبين و الراحلين.بجفاوة نادرة يباغت أطلسوفيتش أيامه و يعيش تفاصيله العادية و البسيطة بلذة و متعة أحيانا يخال نفسه سيد هذا الكون، و لا يزال يعتقد إلى حدود كتابة هذه السطور أنه سيعمر مئات آلاف السنين، لأنه لم يسمح قط لهموم الدنيا أن تنسل إلى داخله و قلبه تحديدا دائما ظلت مشاكله لا تستحق أي انتباه، و باللامبالاة المطلقة كان يتجاوز كل الصعاب التي قد تعترض سبيله وما يهمه من هذه الدنيا بكاملها هو أن يحتفي بيومه كما شاء و لا فرق عنده بين السبت والاثنين أو الجمعة.مرة و جده صديقه الدر كي شارد الذهن و هو يدخن في عصبية فسأله:- فيما تفكر يا أطلسوفيتش؟- في انهيار العالم- و ماذا يهمك من انهيار العالم؟؟؟؟؟- لأن هذا الانهيار هو السبيل لتوحيد البشرية جمعاء عبر توحيد القاراتأطلسوفيتش ليس فيلسوفا فحسب و هو الذي قرأ العديد من الصفحات دون أن يفهم شيئا، أحيانا يقول ... هذا الكتاب قرأته أكثر من مائة مرة ولم أستوعب سوى بعض الحروف هنا وهناك و هنا تكمن فلسفتي آه لو أني أفهم عمق الكتب و أفهمها حرفا حرفا لأعلنت جهرا للبشر جمعاء من أكون ...
أطلسوفيتش لم يكن عاديا بل هو كائن غرائبي بكل المقاييس و راو مدهش يتجاوز حماد الراوية و خلف الأحمر في الانتحال و سرده لأحداث غالبا لا يكون لها وجود في التاريخ شبيه بالملاحم الأسطورية، وهو الذي يستطيع أن يوقع المستمع إليه في شرك أمسية لامتناهية أذا ما ابتدأ بسرد حكاياته فلن ينتهي و ربما إلى يوم القيامة لا قدر اللهلذا سيكون من الصعب إتمام سيرة أطلسوفيتش في نص سردي واحد و ربما تحتاج سيرته لمئات من الصفحات و مع ذالك لن نوفي للشخص حقه و هو الذي لا يزال على قيد الحياة حيا يرزق و ربما تجدونه الآن متسكعا في شوارع مدينته الأطلسية.