السبت، 23 أغسطس 2008

تامغرا / ناتكيفت ..(1)


المغرب بلد شديد التنوع الثقافي و هذا التنوع هو ما يمنح للمغرب الأقصى ذاك التميز

من منطقة إلى أخرى من مناطق المغرب تختلف عادات وتقاليد طقوس الاحتفال متنوعة بدءا من أول لقاء مرورا بترتيبات الخطوبة انتهاءا بحفل الزفاف و هو ما يبرز بشكل جلي أن العادات و التقاليد تحمل بعدا للقيم الثقافية و الضوابط التي تحكم بشكل غير معلن العديد من المجتمعات المغربية بمختلف فصائلها و جل مكوناتها وتعكس حضارته العريقة و التي هي مزيج من الحضارات عربية أمازيغية إفريقية أندلسية و إسلامية علما أن المجتمع المغربي يدين كله بالإسلام ولا توجد ضمنه إلا طائفة يهودية جد صغيرة

و تختلف طقوس الزفاف المغرب من منطقة لأخرى، و الحقيقة التاريخية كما رواها لنا أجدادنا أن العرس المغربي يدوم سبعة أيام بلياليها و بقيت متوارثة جيل بعد جيل لزمن طويل ليتقلص العرس إلى ثلاثة أيام و بقيت على هذا الحال الى بزوغ عصر السرعة و التكنو لتصبح المدة ليلة أو يوم بأكمله
ولكل منطقة من مناطق المغرب عادات و طقوس و معتقدات خاصة حول طرق الاحتفال بالزواج، و قد تركت مختلف الدول التي تعاقبت على حكم المغرب منذ تأسيسه كأول دولة اسلامية مستقلة سنة 788 ميلادية بصماتها على عادات وتقاليد المتعلقة بالأعراس.
الزواج عند الأمازيغ
الزواج كرباط وكعلاقة ذات حمولات ثقافية واجتماعية ودينية طقوس خاصة بالمجتمع الأمازيغي و التي تعطي لهذه التقاليد سمة مميزة تعبر عن قيم أصيلة للمجتمع المغربي كما تضفي ظروف البيئة الطبيعية والاجتماعية التي يعيشها الإنسان في ارتباط مع محيطه خصوصيات على هذه الطقوس سواء في طابعها الاحتفالي أو في الممارسات الاجتماعية المرتبطة بها سواء تعلق الأمر بالمشهد الاحتفالي أو بأنماط السلوك والعادات المتبعة فإن الزواج كطقس من الطقوس الاجتماعية بالمناطق الأمازيغية له خصائصه التي تختزل قيم المجتمع ومكونات شخصية أبنائه التي يعبر من خلالها سكان الأمازيغ عن ذاتهم في إطار ممارسات الحياة اليومية الجارية
وترتبط طقوس الزواج بالنظام القيمي المرتكز على تعاليم الدين الإسلامي في إطار نسق يرسم مراجع الهوية الشخصية التي تقوم على العفة والكرامة والحشمة والوقار ومكارم الأخلاق وانطلاقا من هذه الخصال والمزايا تبدأ الخطوة الأولى من الزواج بالاتفاق الذي يحصل بين الآباء أو كبار السن من القبيلة أو القبيلتين
وهو اختيار تلعب فيه النساء المتزوجات عادة الدور المحوري التقاليد الأمازيغية في المغرب تختلف حسب كل منطقة بل في كل قبيلة وحتى في كل قرية، إلا أن مراسيم العرس الأساسية - تانكيفت تامغرا - تبقى ثابتة وهي الأصل السائد و المتغير هو بعض الأبيات الشعرية و التنوع في الأطباق و الرقص و هذا ما يوضح لنا الغنى الثقافي أو بالأحرى الحرية المطلقة التي يتمتع بها الامازيغ في التعبير وقوة حضورالذهنية الامازيغية في الإبداع، لتتحول الأعراس لفضاء يجمع كل الفنون الجميلة ولأن الزفاف يعتبر رباطا مقدسا تحكمه القيم المميزة لكل مجتمع هو الحرص على إعطاء كل ارتباط جديد بين رجل وامرأة حالة خاصة تلك الهالة القدسية التي تذهب أحيانا في غلوها إلى الحد الذي تذكرنا فيه بقصص ألف ليلة وليلة فإننا نلاحظ عبر مختلف مظاهر الاحتفال بهذا الحدث إلى أي حد يتم التمازج بين الأصالة والمعاصرة في هذا الحفل و هذا التنوع يعتبر إرثا وطنيا يجعل من الشعب المغربي أحد أغنى شعوب العالم ثقافيا،
و خلال ادراجاتي المقبلة سنحاول الاقتراب أكثر من بعض العادات و التقاليد الأمازيغية المتّبعة في إحياء العرس الأمازيغي بمنطقتي الأطلس الكبير و هي تقريبا نفس الطقوس الممارسة بمنطقة سوس كما شهدتها و شهدها الكثيرين من أبناء الأحرار جيل بعد جيل

ليست هناك تعليقات: