الاثنين، 27 يوليو 2009

الأطفال الكادحون


نزلت من الحافلة قادما من مراكش إلى أمزميز و هي بالمناسبة شبه مدينة صغيرة تابعة لعمالة إقليم الحوز و عما قريب ستصبح جماعة حضرية و غالبية المجتمعات الدائرة في فلكها هي مجتمعات قبلية بسيطة غالبية سكانها أميين إمكانياتهم محدودة يعتمدون على الزراعة و تربية المواشي، استقبلني طفل يتجاوز الخامسة عشر بقليل صائحا كارو ديطاي، اقترب من أحد المسافرين مستفسرا إياه إن كان بحاجة إلى كرّوسة لينقل فيه متاعه، أثارني المشهد و تابعت الطفل و هو يتنقل من شخص لآخر مرة بائعا للسجائر و مرة أخرى حمال أو مناديا على عربة أو تاكسي هو دائما مستعد لتقديم المساعدة لأي كان مقابل دريهمات معدودة، لم يكن وحده هناك كان رفقة أصدقائه يمارسون نفس الطقوس في الساحة المهملة التي تتوسط أمزميز و هي بالمناسبة منطقة تصنف في خانة المغرب الغير النافع أو المغرب البدائي رغم ما تتوفر عليه من مؤهلات طبيعية و اقتصادية، اقتربت من الطفل و سألته إن كان يدرس و يذهب إلى المخيم خلال العطلة الصيفية أجاب بلكنة أمازيغية بأنه يدرس بالإعدادي و يقطن بأحد الدواوير المجاورة و خلال العطل ينزل إلى المحطة لكسب بعض المال من أجل توفير مصاريف الدراسة أما المخيم فهو لا يعرف عنه أي شيء و ماهي طبيعته، معاناة أطفال أمزميز يواجهون واقعهم بالكثير من التفاؤل عكس أطفال المدن الكبرى رغم غياب الإمكانيات و ضيق الأفق للمستقبل واستسلامهم للمصير، أطفال مهمشون دفعهم الفقر إلى التخلي عن طفولتهم والانغماس في أعمال لا تناسب حتى أعمارهم، حاولت الاتصال بإحدى الجمعيات التي تهتم بقطاع الطفولة دون جدوى نظرا لغياب الجمعيات المعنية كما حاولت الاتصال بمدير الشباب الوحيدة لكني اصطدمت بالأبواب المقفلة بالسلسلة و القفل و غياب الأطر الجمعوية، و المشكلة لا تقف عند هذا الحد فقط بل تتعداه إلى التهميش الذي تعرفه المنطقة ككل و تزايد في عدد الأميين و العاطلين ما يدفع أهالي المنطقة للهجرة صوب المدن الكبرى بغية الحصول على فرص أفضل لأطفالهم، ما يجعلنا نقف أمام ظاهرة جد سلبية في كل جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فهل من التفاتة مسؤولة إلى هؤلاء الأطفال الكادحون؟

الصورة مأخوذة من مدونة رفيق الدرب http://rafiq-adarb.blogspot.com /

ليست هناك تعليقات: