الثلاثاء، 20 يناير 2009

بعد وقف إطلاق النار دمار هائل في قطاع غزة



بدأ أفراد الأسر الفلسطينية بحثهم البائس فور خروج الجنود الإسرائيليين الأحد من مخيم اللاجئين المدمر في غزة، واخذوا يحفرون بأيديهم داخل أكوام الأسمنت والحديد المسلح بحثا عن جثث من مات من أقاربهم، عن متعلقاتهم وحتى عن بقايا القنابل كي يبيعوها "خردة".
فبعد ثلاثة أسابيع من الغارات الجوية التي لا ترحم على مسلحي حماس، الذين كانوا يطلقون الصواريخ ضد إسرائيل لمدة عامين، تحولت الشوارع إلى كثبان من الحديد الملتوي والخشب المشظى وكتل الإسمنت بينما كانت الإسرائيليون يسلكون طريقهم إلى هذة البنية التحتية الرثة أصلا ويحولون أحياءها إلى ساحة معركة.
مكن وقف إطلاق النار الهش وتحركات الانسحاب الأولى للقوات الإسرائيلية الأسر وهيئات الإغاثة من تكثيف بحثها عن الجثث، حيث انتشل أكثر من مائة منها يوم الأحد وفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين.
زايد حيدر ـ وهو كمثله من سكان مخيم جباليا على أطراف مدينة غزة منعه القتال من دخول بيته لمدة أسبوعين ـ أخذ مع غالبية أطفاله العشرة يفتش في داخل منزل أسرته. كانت البناية المؤلفة من ثلاثة طوابق قد سويت بالأرض.
قال حيدر "لقد انتشلت ابن أخي لكني لا اعرف كم بقي تحت الأنقاض"، فيما أمكن رؤية عدد من الدبابات الإسرئيلية من بعيد.
وعلى مقربة منا كان صبية فلسطينيون يبحثون بدافع اليأس والمفارقة عن شرائح ألمنيوم من القذائف التي قتلت كثيرين مثلهم.
هذه القطعة الكبيرة يمكن أن تأتي بشيكل"، أو ربع دولار، قال يوسف دردوم الذي كان يحمل قطعة من علبة محطمة لقذيفة.
وفي الأثناء كان الجيران يحفرون باستماتة داخل أكوام الركام لتحرير خروف يمكن سماع ثغاؤه من بين هياكل البط النافقة.


كانت مشاهد الدمار في كل مكان، في المزارع المحروقة، في أعمدة الكهرباء المحطمة متدلية في الهواء، السيارات المتفحمة المهجورة على جانب طرق مجرفة، وفي مياه المجاري تتدفق من الأنابيب المكسورة. في الجو تعلق رائحة الأجساد المتعفنة لبشر وحيوانات.
وهناك مسجد قريب مسوى بالأرض تماما عدا منارة ظلت واقفة فوق الأسمنت المغطى بالتراب.
رجال الشرطة التابعون لحكومة حماس ظهروا بزيهم الكحلي للمرة الأولى منذ القتال، وبدأوا في تنظيم المرور. آخرون كانوا يحولون دون ارتكاب حوادث سلب ونهب.
في إحدى المرات أطلقوا صليات في الهواء فيما كان بعض سكان جباليا يريدون إعدام شاب اتهم بأنه كان يأخذ بعض المتعلقات من منزل مدمر ليس منزله.
في منطقة العطاطرة الزراعية شمال غربي قطاع غزة حيث استعر القتال البري بين القوات الإسرائيلية والمسلحين الفلسطينيين كان رجال الإسعاف الذين يضعون الكمامات البيضاء لتفادي الرائحة الكريهة يسحبون خمس جثث من منزل مدمر من بينها جثة امراة في ثوب طويل أزرق، ثم يسحبون رجل طفل.
قال أحدهم (أحمد) "نحن لا نعرف إن كانوا لبشر أو لحيوانات، حرام، والله نحن بشر" فيما كان يرفع قطعة قماش تغطي وجهه. "نحن بحاجة إلى فرق طوارئ متخصصة، نحن نحفر بأيدينا".
خديجة راضي (83 عاما) جلست ترقب بينما كان أبناء أحفادها يبحثون فيما تبقى من منزلها. جلست على كوم من الإسمنت، بيدها مسبحة وعصاها إلى جانبها.
قالت "هذا كل ما تبقى من ممتلكاتي"، مشيرة إلى مخدة وفردة شبسب، ابنتها سعدية سحبت مرتبة مغطاة بالتراب ووضعتها على عربة كارو.
وككثيرين من سكان المناطق المدمرة قالت سعدية راضي إن أسرتها الكبيرة المؤلفة من 27 فردا ستقيم لدى قريب لهم حتى يجدوا المال الكافي لإصلاح منازلهم.
====
الأحد 18 يناير 2009 23:26 GMT
BBC

ليست هناك تعليقات: