الخميس، 2 يوليو 2009

المجذوب

بعد يوم مجهد و ممل، أطفو للمساء و أسلم أفكاري لدوامة التيار، أحصي أحوال الرؤوس من حولي و العذارى التي تحوم بي، و تحت جلد جمجمتي عقل وليد لحظته، نفس الفصول لنفس المسرحية التي طالما عشت لحظاتها بين جدران الزاوية، أتأمل صمتي أتردد ثلاث مرات و في المرة الرابعة أتجاوز العتبة بفكر بطيء.
· المشهد 1 : دردبة قائمة هنا منذ أسسوا هذا المزار، ترهبني حين أراها، في كل ليلة أرى نفس الحلم نفس السيناريو المتكرر نفس الوجوه، الدخان يخرج من بطن الطبل، الرقصة نفسها، نساء رجال أطفال يتقافزون و يتصايحون، نار و ماء و دماء من خلف الزجاج، الزغاريد و التهليل تلاحق عجل بئيس لربط قوائمه الأربعة، في كل ليلة أرى نفس المشاهد و أعيش نفس التفاصيل، اقتربت من لحظة الانتشاء أصفعها بمجامع يدي علّي أتلقى ردة فعل، و دون إعلام مسبق تدخل علي للاّ ميرة تقبض على عنقي تدخل أنفاسها في شعاب صدري و تجمع علي جّوقة، تشير لصبيان رؤوسهم مدموغة تقودني للمحاكمة و ألقى في الحلية – حلية العرس القديم – في برجها نجمة اسمها نحس، بعد خمس أيام سأشد الرحال إلى الزاوية الصعود للجبل و المكوث عند حضرة الشيخ ثلاث أيام بلياليها متتاليات، مسلّما له نفسي بنية مخلصا له في قرارة نفسي اعترافا باللسان و إقرارا بالقلب، علّي أستيقظ من غفوتي و تنحل عقدة لساني، و في اليوم الرابع قدمت القربان و عرف الديك و أوجاع النمل و الحجاب في نحاسة و وليمة بخور، و ختمت الزيارة برقصة هدّاوة في حضرة الولي الصالح.
· المشهد 2 : قبل سكون الروح و سقوط العلاقات و اختيار المنفى، التقيت توأمي صدفة، وقفت أنظر إليه، وقفنا ننظر في بعضينا دون أن نتكلم حتى بلغنا الحياء، انشغل توأمي بطقوسه اليومية و عدت أنا للضريح لأجد توأمي قد رحل دون أن يلبس جلبابه الجديد، استسلمت لرغبتي و استلقيت تحت قامة الزاوية، منذ الماضي الحاضر و أنا أستنير بشموع بكر تضعها العذارى كل صباح عند رأسي، و عند كل مساء أنظر لوجوههن بشبه غمزة من تحت الحجاب و بمنطقي الغريب لتحويل نواصي العذراء إلى زوايا مضيئة، - دون أن يعرفن أن فقيههن جاءني من فضائه الروحاني و همس لي بلغة جديدة لا أفهمها ثم ضغط على زر آلته العجيبة و ألقى بسهمين عند قدمي و قرأ طالعي: أني و لابد أنال حظوظي، أمرني بحلق رأسي و تطهير نفسي من ذنوب لا يراها غيره -،
· المشهد 3 : في صباح قديم جاءني الفقيه و أخذني من تحت التابوت محلقا بي في الجو ليلقي بي في ساحة الدردبة، أجثو على ركبتي و أعقد عمامة خضراء على رأسي و أخرى حمراء على عيني، بعد ذالك أساق إلى المذبحة لشرب دماء العجل البئيس دون نحره، أقذف بإناء من فضة و أبدأ في ملاحقة العجل على إيقاع موسيقى الهجهوج، منذ ذالك بسنين ودعتني العذراء و هي تتمنى لي عودة مظفرة، اقتربت من العجل نظر إلي في خوف و بدأ يراوغ باحثا عمن ينقذه من مصيره المحتوم على يد المجذوب، أخذت الإناء باليد اليسرى و أمسكت قرني العجل باليمنى لنرقص، و كلما ارتفع إيقاع الطبل أغرس في عنقه أنيابي و الزغاريد في أثري، ظللت على تلك الحال أربعين ليلة و ليلة بعد ذالك قدمت للشيخ الإناء بعد ملأها بدم العجل الذي سقط مغشيا عليه من جراء فقر الدم
· المشهد الأخير: في هذه اللحظة أخذت الجموع ترقص حول النار و تهتف باسمي، أخذني الشيخ من يدي و عاد بي إلى تابوتي و تركني هناك ليتوجه إلى نواصي العذراء ليلقي بسهمين من جديد عند العذراء التي توعدتني بالشموع البكر، عند الصباح عدت و ظللت أرقب عودة أفكاري التي نسيتها عند المجذوب.

ليست هناك تعليقات: