الاثنين، 3 أغسطس 2009

المعذبون في الارض بقلــ مريم التايدي ــم

في 25 يوليو 2009 الساعة: 13:17 م

المعذبون في الارض

بقلــ مريم التايدي ــلــم

=================================



في الطريق إلى منابع ام الربيع


لا زال منظر اولئك الاطفال يطاردني ..اتذكر انه وقتها حرمني النوم ، وكنت اظن أنني نسيت الموضوع ، لكن ما إن اطلق تجمع المدونين المغاربة حملته حول "أطفال لا يخيمون " ..حتى بدات كل مشاهد البؤس التي رايتها ..وكل الاطفال المحروميين الذين صدفتهم في حياتي تلاحقني ، وتلح علي أن أكتبي عنا "فنحن المعذبون في الارض "



إنه بالضبط صيف 2007 ، حين قررت أنا وأسرتي الصغيرة الاقامة خلال العطلة الصيفية بمدينة إيموزار ، وكل من يعرف المدينة الصغيرة والجميلة ، يعرفها أنها منتجع صيفي للتخييم بامتياز ، ولا يمكنك التجول فيها دون ان تلتقي بافواج الاطفال المخييمين ، من جميع الهيئات ، بلباسهم الموحد وصفوفهم المرصوصة واناشدهم العذبة ،إنهم يؤثثون مشهد المدينة ، شيء جميل …مفرح ..لكن لا يمكن أن تظل في المدينة الصغيرة طول الوقت ، فلا بد أن تزور الاماكن المحيطة بها ، عين فيتيل حيث الاطفال أيضا يبعثون فيك السعادة …إفران …


في أحد الايام قررنا أن نزور منابع ام الربيع


وهناك ستنقلب الصورة الجميلة التي راقصت العيون


وسنصادف على الطريق اطفال


لا تظهر لملابسهم ألوان


ولا تظهر على وجوهمم ملامح


استوقف الصغير السيارة ولكم أن تتوقعوا سنه فقامته بالكاد تصل لزجاج النافذة


يحمل بيده سلة صغيرة من التين


لا يعرف إلا لغته المحلية ، لم استطع التواصل معه ، لكني عرفت أنه يريد بيعنا التين


تالمت من المشهد خصوصا وأن ابني الصغير الذي لا يكبره إلا بالقليل يطرح علي أسئلة محرجة


ماذا يفعل الصغير ؟




لماذا هو هكذا ؟ اين أمه؟..اسئلة بريئة تتعمق عندي لتصبح ، لماذا هذه المنطقة معزولة ؟ أين المسؤوولين ؟ اين الدولة ؟ أين الوزارة الوصية ؟ أين البرامج الحكومية


أطفال اخرون لا يعرفون إلا كلمة "درهم" للدلالة على أنهم يريدون المساعدة


تخاف ان تصدمهم بالسيارة وهم يعترضون الطريق


يشعرونك بالحنق والغضب من نفسك وأنت تمر بينهم


طريق عشوائي ..سكن عشوائي وحرارة مفرطة ..لا خضرة في المكان وتظهر أثار منابع للمياه بترسبات بيضاء


انها جافة ، لكن ها أصلا ينابع مالحة


هؤلاء الاطفال اصدقائي لا يجدون ما ياكلون ، لا يجدون الماء الذي جعل الله منه كل شيئ حي


لا يجدون ماءا للاستحمام وغسل الملابس


لا يجدون ما يشربون ،حتى ينابعهم المالحة اصبحت جافة لا يستطعون لها طلبا


منهم فتيات في عمر الزهور بريئات ، لا يملكن الا أوجها مستديرة واعينا براقة يقفن يتأملن السيارات الفارهة التي تمر من الطريق والتي لا تمر إلا قليلا ، يصرخن وكانهن يشاهدنها لاول مرة ، وكان الحياة تطل عليهم من الغبار الذي تتركه وراءها ..لا أدري ما اقول ..ولا اتذكر كل ما رايت ..ما لا أستطيع أن انساها هو أنني ذرفت دموعا غزيرة في ذلك اليوم ، وشعرت بحنق شديد


فقد كنت اعتقد أنني اعرف الفقر ، عشته وعايشته ، لكن في الطريق الى منابع ام الربيع


اكتشفت فقر الفقر ..إنه العوز ..إنها الفاقة ..إنه بحق مغرب عميق عميق جدا ،


بالم شديد تابعنا المسير


وستكون المفاجاة كبيرة عند الوصول إلى المنابع



فهنا الماء عذب فرات


يتدفق ..يتدفق ويحدث دويا


يحدث البهجة و السرور


ينبع بقوة ..يحدث المعنيين "أنا هنا" "انا موجود"


فكيف يعقل أنه على بعد يوجد أطفال يموتون من العطش و من العزلة


أفهموني ..ما هذا



http://maraya10.maktoobblog.com/1605157/المعذبون-في-الارض/


ليست هناك تعليقات: