الأربعاء، 21 نوفمبر 2007

نحن و التطرف

لو أجرينا انتخابات نزيهة و شفافة في عالمنا العربي خاصة و الإسلامي عامة لحصل فيه المتطرفون المراتب المتقدمة دون نسيان الأصوات التي ستكون للسلفيين و الجماعات المسلحة على أكبر عدد من المؤيدين بحيث يشكلون القوة الأولى من الناحية الجماهرية سني متطرفشيعي متطرفعلماني متطرفأطراف سياسية متحاربة بينها لكنها استطاعت الاستحواذ على الشارع العربي فأين يا ترى يكمن سر هذه الشعبية؟
و هل فعلا يشكلون تهديدا خطرا على الأنظمة الحالية؟ و السؤال العريض الذي يطرح بنفسه بشدة هنا هو:
أين ذهب نصف قرن من النضال و التوعية و التضحيات التي قامت بها الثورات الجماهرية في كل قطر عربي ؟
يسارية / تقدمية / و حتى العلمانية منها؟- - - يبدو لي أن نصف قرن من التوعية السياسية و الفكرية التي قامت بها مختلف الثورات و على أشكالها المتعددة لم تستطع أن تمحو قرونا من الفكر المتطرف المتجذر في العقول و المشاعر العربية الإسلامية خاصة الفكر الديني النابع من الأمية و الجهل و الظلامية
الذي يعتمد على مبدأ إما تكون معنا أو القتل و نفس الشيء ينطبق على الفكر السياسي و الاقتصادي هذا من جهة و من جهة أخرى طفت على الشارع نوع من الأحزاب يسمونها باليسارية التقدمية و الليبرالية تدعي أن برامجها تخدم الشعوب و تحررهم من الفقر و البطالة و إقرار مبدأ حقوق الإنسان
و لم تستطع هذه الأحزاب أن تقدم حلولا للواقع العربي المزري بل إن هذه الأحزاب تحالفت مع أعدائهم و في ظل الهيمنة الاسرائلية و الاضطهاد الذي تمارسه الصهيونية بمساندة الامبريالية العالمية وجدت الجماهير العربية متنفسا في أطروحات الحركات الإسلامية و القومية التي انفردت في العزف على الوتر الحساس للشعب العربي المسلم بمحاربة إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية و في ظل غياب حركات سياسية فاعلة قادرة على تأهيل الشارع العربي ليكون من مصاف الشعوب المتقدمة على الصعيد الاجتماعي و الفكري و الاقتصادي
هكذا يصبح الدين مطية للمتطرفين و باسمه أقدموا على قتل الآلاف من الأبرياء و بفضل دعم بعض الأنظمة العربية التي كانت ترى في الثوريين الجدد خطرا يحدق بمصالحها
فعملوا على تسييس الإسلام حسب ما يرونه موافق لأفكارهم و مصالحهم فقط دون مراعاة لاحتياجات الشعوب المغلوبة على أمرها من صحة وتعليم و سكن و شروط المواطنة الصالحة من حرية التعبير و الرأي و اعتماد الشفافية في تسيير شؤونه
وهذا كله من أجل تكسير قوة الثورة الجديدة التي تنادي بالتغيير و المساواة النابعة من الشباب العربي المسلم المعاصر الغيور على دينه و وطنه و ثقافته ليتحول الأمل إلى يأس من الواقع المزري للدولة العربية مما يدفع الفرد للحلم بحياة أكثر إشراقا في الآخرة
و تصبح الشعارات التي يطلقها أصحاب العمائم أكثر تعبيرا عن همومها اليومية من النظريات التقدمية و اليسارية و الليبرالية و العلمانية التي لم تثمر إلا عن أنظمة قمعية و شعارات لا تغني و لاتسمن من جوع و هكذا نظل نحن شعوب المنطقة العربية الإسلامية نجتر مخطط الإصلاحات الدستورية و قيام نظام ديمقراطي يجمع كافة الجماهير تحت لواء الدولة القوية بتقدمها العلمي و الفكري و الاقتصادي و ننتظر دورنا ضمن طوابير الجياع و هي تلهث وراء عمائم ملتحية و هي تزف لنا أحلاما مر عليها قرون و تعدنا بجنات تجري من تحتها الأنهار و بقاصرات الطرف الحسان و اللواتي لم يطمثهن من قبل انس و لا جانو النتيجة انتحار شخص يائس من الانتظار في عملية غدر إنسانية يسمونها استشهادية و الضحايا هم الجياع الذين كانوا يقاسمونه نفس الواقع المزري وسط الطابور فهل الاستشهاد هو قتل النفس التي حرم الله دون حق / أطفال - نساء - شيوخ - عجزة ؟هل يدخل الجنة من انتحر مستهدفا مسجدا ليقتل بني وطنه و هم يمارسون نفس الفرائض الدينية التي يمارسها؟ما هو موقف الإسلام من هذا النوع من العمليات؟
و هل يجيزها في الحرب؟؟ما هو المعنى الحقيقي لكلمة الجهاد؟
و ما هي شروطه؟أستثني هنا العمليات التي يقوم بها الفدائيين الفلسطينيين لأنها تدخل في نطاق الدفاع عن الوطن و النفس
و هذا الاستثناء لا ينطبق على الآخرين كما أني لا أقصد به دولة معينة و إنما هو حالة معاشة تنطبق على سائر الدول العربية الإسلامية

ليست هناك تعليقات: