الاثنين، 20 أبريل 2009

فنجان قهوة

تضايقت حين رأيت مكاني قد احتله شخص آخر و مع ذالك اتجهت إلى المائدة المجاورة له.حين اقتربت منه لسعني الرجل بنظرة فاحصة لم أكترث له جلست و أوليته ظهري و انغمرت كعادتي في المشهد مشهد كل يوم.تولّد لديّ إحساس مختلف عن إحساسي المعتاد شعرت أني داخل المشهد لا خارجه و أنّ مكاني في الزاوية يتيح لي ما لا يتيحه هذا المكان حيث أجلس الآن و عليّ على الأقل أن ألتفت إلى الخلف كي أرى ما يحدث هناك و أي التفاتة إلى الخلف اعتداء على من هناك و دخول لمنطقة محظورة جاء النادل حاملا فنجان قهوة سوداء و قطعة واحدة من السكر سلم كعادته سألني عن أخباري أجبته بما أجيبه كل يوم: بيخير نحمدو الله سلّك ؤ عدّي .انصرف و انشغلت بتأمل رغوة خفيفة تطفوا فوق سواد القهوة تحركت يدي التقطت الملعقة و تكفلت هذه بالعبث برسم زوبعة في الفنجان لم تتجاوز ضفتيه رسمت كلمات فارغة و تمكنت من إذابة الرغوة و قطعة السكر و التخفيف من مرارة القهوة، سخرت ممن يدعي قراءة الفنجان و الطالع بحثت كثير عن سبب هذا الادعاء هل هناك أصلا طالع؟ طالع من؟، منتج القهوة؟ أم صانعها أم حاملها أم شاربها أم طالع الملعقة التي تعبث بها؟؟مؤكد أن كل هؤلاء و كل من يرفع فنجان القهوة إلى شفتيه يتجرع جرعة و ينفث أيضا في قلب الفنجان نفسا يستقر في القاع كلمة بعد كلمة تمتزج ببقايا سكر و علقة جنين تعذرت ولادته و احتاج إلى عين قارئ معبّرطردت الكلمات و الطالع، و اقتنعت بما أنا مقتنع به دائما:– إن المعنى سر رهيب يظل محبوسا في النفس و ليس للكلمات قدرة على استيعابه سوى الساقط العابر منها، و أنه أشبه بحالة عزلة و الكلمات أمامك مثل أناس لا علاقة لك بهم رغم تواجدهم المستمر أمامك و خلفك و بجوارك، و أنه ليس أمامك سوى تذوق العزلة و الصمت، ذالك الشيء هو المتاح كليا و لا ينفذسمحت لنفسي الانفلات في المشهد داخل المقهى و خارجها و تركت العين تمارس حضورها بالصورة المتاحة، صارت عصفورا ينتقل بين الوجوه و الأعناق و الكؤوس على إيقاع فنجان كئيب لا يلد سوى التعاسة

ليست هناك تعليقات: